الإرهاب والموت- حسد، نفاق، ودعوة للإنصاف

المؤلف: أسعد عبدالكريم الفريح08.16.2025
الإرهاب والموت- حسد، نفاق، ودعوة للإنصاف

حتى الموت لم يسلم من الحسد، فالموت قضاء إلهي وحقيقة راسخة لا ريب فيها، حتى لدى غير المؤمنين. أما المؤمنون، وخاصة المسلمون، فيؤمنون بتدبير الله، وإن كانوا يتألمون، لكنهم يعلمون أن عند الله العوض، وله ما أعطى وله ما أخذ. الموت ليس بضاعة تُعرض في المزادات، ولا هو مقام للتشفي والانتقام. الإرهاب يفتك بالجميع، ولا يفرق بين دين وآخر، أو مذهب ونقيضه. المملكة، حصن الإسلام والعروبة، تتشرف بأن تحتضن على أرضها بيت الله الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإليها يحج المسلمون من كل بقاع الأرض. ورغم هذه الرموز والمعطيات الإسلامية الجليلة، لم تسلم من براثن الإرهاب، بل كانت هدفًا استراتيجيًا له. ومنذ عقدين من الزمن تقريبًا، وهي تواجه هذا الخطر الداهم، ولولا فضل الله، ثم توجيهات قادة الوطن، ثم العيون الساهرة على أمن البلاد بقيادة الأمير محمد بن نايف، الذي كسر شوكة الإرهابيين وأفشل مخططاتهم، لربما شهدنا كوارث لا يعلم مداها إلا الله. عندما يُقتل المسلمون، لا يبالي العالم بهم، وعندما يُقتل غيرهم، تقوم الدنيا ولا تقعد. نعم، قتل الآمنين، بغض النظر عن جنسياتهم، جريمة نكراء، وخاصة المستأمنين، ولكن هل المسلمون لا ينطبق عليهم هذا المعيار وهم يُقتلون ليلًا ونهارًا؟ هل السوريون ليسوا من بني البشر وهم يُقتلون بالآلاف؟ لو أجرينا إحصائية مؤلمة ومخزية لعدد القتلى من المسلمين مقارنة بكافة الديانات الأخرى، لتصدر المسلمون القائمة عن جدارة واستحقاق، ولدخلوا موسوعة غينيس للأرقام القياسية مع مرتبة الشرف. والأكثر إيلامًا أن غالبيتهم يُبادون على أيدي أناس يُحسبون على الإسلام، ويا لها من مصيبة أن يكون "زيتنا في دقيقنا"، هكذا فعل بنا من لا يخشى الله، ومن حرّف المفاهيم الأصيلة التي تدعو إلى السلم والسلام، وإلى التسامح والتصالح، بل والعفو والإحسان. هكذا أجرم بحقنا دعاة الغلو والتطرف، وحراس التكفير، ومعارضو الدعوة باللين والكلمة الطيبة، ولم يأخذوا بما قاله الله جل وعلا: "وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ". هكذا فعلوا وبكل أسف، فنشروا بذور الكراهية، وقدموا الذرائع على طبق من ذهب، مملوء بالدماء، للأعداء لتبرير ما يرتكبونه من أعمال عدائية وهجومات على المسلمين، مستندين إلى قاعدة "من فمك أدينك"، وزادوهم بالأفعال المشينة. نعود ونؤكد أن هذا ما فعلته هذه الفئة الضالة بأمتهم. وإن كنا نناشد من أعمتهم عصبيتهم، فإذا كنتم تدعون العدالة والديمقراطية، فأنصفوا ولو بكلمة حق. فالدماء واحدة، والأرواح لها قيمتها العظيمة، وليس هناك روح مقدسة وأخرى مدنسة. والإرهاب له مسمى واحد وهدف واحد خسيس، وهو قتل التسامح والأمن وتقويض الاستقرار. أيها الزعماء غير العادلين، أختتم بقول مأثور بسيط: "إذا كرهتموهم، أعطوهم حق الله".

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة